كيفية كتآبة المقآل | حصري : خـــآص لـــ جريح الليل

كيفية كتآبة المقآل 
حصري : خـــآص لـــ جريح الليل

هناك العديد من المقالات الموجودة عن كيفية كتابة المقال وكان بإمكاني إقتباس 
أي منها و إدراجه ليكون كتنويه وإرشاد وتثقيف لـ كل من يود كتابة مقال ! ولكن 
هذه لم تكن غايتي فقط بل أن يكون دليلا لكم أيضا وليتميز هذا الركن بكل ما فيه
من مواضيع فهو مخصص لــ أقلام رواد مملكتنا جريح الليل ؛ لذا أردت أن أخطه بقلمي
وليرى الجميع بأن المقال يختلف كثيرا عما قد يعتقده البعض و أن من السهل كتابة 
مقال جميل وبسيط بعدد من الخطوات التي يجب عليه اتباعها ليكون نتاجه راقٍ.

وقبل كل هذا دعونا نرى ما هو المقال ومتى ظهر وكيف قاموا بتعريفه ؟
{ عرفه كثير من النقاد بتعريفات مختلفة ، ولعل ذلك الاختلاف راجع إلى نقد المقال
كعمل فني داخل في دائرة الأدب ، والمراحلِ الزمنية التي مر بها المقال في تطوره ، بيد
أن أفضل ما عرف به المقال ما يلي :" فكرة محددة تتناول موضوعاً بالبحث يجمع الكاتب
عناصره ويرتبها ويستدل عليها بحيث يؤدي إلى نتيجة معينة ". }


إذًا المقال هو نص أدبي و قطعة إنشائية معتدلة الطول تكتب نثرا تتسم بالأصالة 
وتحمل في طياتها الإقناع و الإمتاع وجل إهتمام الكاتب فيها بالمظهر الخارجي 
للموضوع ويعرضه بطريقة سهلة وسريعة حيث أن كل كاتب يعبر عن رأيه الشخصي 
الذي يمسه عن قرب . 
حيث أن أقدم رائد عربي للمقالة هو الفقيه المؤرخ المحدث المتكلم ابن الجوزي 
وفي مقدمة كتاب " صيد الخاطر " قال : 
" لَمّا كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها، ثم تعرض عنها فتذهب، كان
من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكي لا ينسى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "قيِّدوا
العلم بالكتابة"
. وكم خطر لي شيء فأتشاغل عن إثباته فيذهب، فأتأسف عليه ورأيت
في نفسي إنني كلما فتحت بصر التفكر، سنح له من عجائب الغيب ما لم يكن في حساب
فانثال عليه من كثيب التفهيم ما لا يجوز التفريط فيه فجعلت هذا الكتاب قيداً - لصيد
الخاطر- والله وليّ النفع، إنه قريب مجيب"


وقال مونتاني في مقدمة كتابه " محاولات أو تجارب " :
" إن هذا الكتاب حسن الطوية فهو ينبهك منذ البداية إني لا أستهدف من ورائه
مقصداً إلا ما ينفع العام والخاص، ولم أرد به خدمتك أو إعلاء ذكرى فإن مواهبي تعجز
عن تحقيق مثل هذه الغاية... لقد خصصته لمنفعة الخاصة من أهلي وأصدقائي حتى
إذا ما افتقدوني استطاعوا أن يجدوا فيه صورة لطباعي وميولي، فيسترجعوا ذكراي
التي خلفتها لهم حيّة كاملة ولو كان هدفي أن أظفر بإعجاب العالم لعملت على إطراء
نفسي وإظهارها بطريقة منمّقة ولكني أريد أن أعرف في أبسط صوري الطبيعية
العادية دون تكلف ولا تصنع لأني أنا الذي أصوّر نفسي لهذا تبرز مساوئي واضحة
وسجيتي على طبيعتها ما سمح لي العرف بذلك... " 


ومن الطبيعي يكون لدينا حب المعرفة و الفضول حول الزمان الذي ظهر به المقال 
إذا متى ظهر المقال لأول مرة ؟

ظهر المقال في قرن الإزدهار الثقافي والعلمي في عصر النهضة الأوروبية أي 
’’ في القرن الرابع عشر الميلادي إلى القرن السابع عشر الميلادي ‘‘ وبمعنى آخر 
ظهر في أواخر العصور الوسطى.

وظهر فن المقالة لأول مرة في فرنسا في عام 1571 م على يد الرائد لهذا الفن
في أوروبا
 ميشيل دي مونتين ثم ظهر بعد عدة سنوات في كتابات فرانسيس بيكون 
ومنذ ذلك الحين اعتبرت المقالة أحد الفنون الشائعة بين القراء الإنجليز مع سبق 
الفرنسيين إليه .

هناك طريقتين لمن يريد أن يكتب مقالا مميزًا وكل طريقة مميزة في حد 
ذاتها ، فالأولى تتسم بعدم اتباع الكاتب لأي قاعدة من قواعد كتابة المقال 
بحرفية تامة لأنه يعلم بأن من يتردد على مواقع الشبكات العنكبوتية و المواقع 
شخص يهتم بالخلاصة إما لكثرة انشغاله أو لكونه يمل من قراءة النصوص الطويلة
وليس بالشخص القادر على فهمها وانهاؤها. 

" لا قوانين صارمة، كل شيء يخضع في النهاية للتذوق البحت.
لا يوجد طبختين متماثلتين، ولا يجب استخدام كل المقادير في كل طبخة. "


ويتميز المقال بإسلوب كاتبه الذي يجذب القراء لنصه من أوله لآخره إذ أن من يهوى 
المطالعة على الشبكة العنكبوتية هو انسان قد يكون حاد الطباع أولربما قاسٍ بعض 
الشيء إتجاه النصوص الأدبية الطويلة مما قد يجعله يغلقها بحثا عن نص تتميز مادته
بالسهولة و البساطة .
ومما يجذب القراء للنص بالإضافة الى إسلوب الكتابة كل من عناصر التشويق والإدهاش
والإختلاف في طرح الأفكار و المعلومات .

وليس الأمر واقفا على الإطلاع لرفع الأفق و النقاط السابقة ليتمكن الشخص من جذب
القراء لنصوصه ولكنه يعتمد اعتمادا أساسيا على تدريب الكاتب لنفسه على الكتابة 
وبلورت الأفكار وتطوير مستواه الكتابي فكلما كان هذا الكاتب يكتب بمعدل أكثر 
من كل اسبوع مضى فليكن على ثقة بأن عدد قراءه سيكثر مستقبلا ويفوق حد 
توقعاته أيضا .

فالكتابة في هذه الحالة هي تدريب مستمر له وبعد عدة سنوات سيرى نتاج 
هذا التدريب فهي التي ستمنحه الإسلوب الكتابي .

{ فقد كان محمود درويش يقرأ بمعدل ساعتين يوميًا، ويجلس للكتابة كل يوم
صباحًا: "تعودت على الكتابة نهارا بين العاشرة والثانية عشر... لا أكتب كل يوم وإنما
أجبر نفسي على الجلوس يوميا على الطاولة... لا أؤمن تماما بالوحي، ولكنه إذا كان
موجودا فيجب علينا أن ننتظره."، وكان لـ نجيب محفوظ عادات شبيهة. }


و إن كنت تريد أن تعي حجم تميز الكاتب بإسلوبه في نصوصه الأدبية حتى و إن وُضِعَتْ
أمام أحد قراءه فإنه سيخبرك بأن هذا المقال عائد لفلان فهذا هو اسلوبه الذي يتبعه
في الكتابة فمن يريد ان يكتب عليه ان يحذو حذو كل من محمود درويش ونجيب محفوظ
والعديد من الأدباء إذ عليه ان يخلق النص و الفكرة لا ان ينتظر الوقت الذي يكون فيه
ملهما أو متفرغا للكتابة .

كما قال د.أحمد خالد توفيق في ندوة ما : 
" أن العمل الذي لا يخلق نفسه بنفسه، ويضطر إلى التفكير فيه وتوجيهه حتى آخره
هو دائماً أسوأ ما يكتب. "


أما الطريقة الثانية فهي بإتباع قوانين كتابة المقال ويكون الكاتب فيها عادة 
أكثر إلتزامًا وتقيدًا بها .

للمقال ثلاث نقاط أساسية ومهمة وهي : الخطة ، المادة ، والإسلوب ، إذًا فلنوضح 
ماذا تتضمن كل نقطة من هذه النقاط الثلاث ؟

الخطة : المقدمة ، العرض ، الخاتمة .
المادة {المصادر} : هي مجموعة الأفكار، الآراء، الحقائق، والمعارف والنظريات، والأدلة
والبراهين ، والتأملات، والتصورات، والمشاهد، والتجارب والأحاسيس، والمشاعر، والخبرات
التي تنطوي عليها المقالة.
الإسلوب : لكل كاتب كما ذكرنا اسلوب يتميز فيه عما سواه من الكتاب ، ويتميز بالوضوح ،
القوة ، و الجمال .

وليظهر نصك سليما من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها أي كاتب يحاول كتابة 
المقال ، فعليك إتباع الآتي :

1. ابحث عما يجذب القراء .
2. اختر الفكرة الرئيسية للمقال الذي تود كتابته ، واعرف نوع المقال و أسسه .
3. إجمع المادة التي ستعتمد عليها في طرح المقال وسجلها .
4. إقرأ المقالات السابقة وقارن بين الأفكار .
5. إصقل أفكارك .
6. عمق الأفكار و رتبها .
7. ضع له عنوانًا مبتكرًا .
8. جمل بداية المقال ونهايته . {بداية المقال هي أساسه}
9. إختصر وكثف ما تريد قوله ، وكل عبارة مقتبسة ضعها بين " .... " .
10. إحذف الجمل التي لا تخل بمعنى ما تريد إيصاله للناس .
11. لا يوجد طول محدد للمقال {2500 كلمة من يقرؤها الآن ؟}
12. جمل مقالتك بعلامات الترقيم و التشكيل .
13. إنشر مقالتك في أقرب موعد للحدث حتى لا يكون قديما وتضطر لتحديثه . .
14.كن راقيا و ابتعد عن الكلمات السوقية ولا تكن ممن يدمج اللغة فصحى
مع اللهجة الدارجة .


ملاحظة : قم بتقيم مقالتك إقراها قبل أن يقرؤها الآخرون ، و إنتبه لأن لا تكون نهاية
مقالك مبتورة عن ما سبق و ذكرته فهذا من الأخطاء الشائعة ومنتشرة جدا حيث 
أن خاتمة المقال لا تمد للمقال بصلة ؛ انما عليك أن تجعل هذه الخاتمة متصلة بكل 
ما ذكرته فهي إنطباعك الأخير عن الموضوع الذي كتبت فيه ، فليكن الختام مميز بقدر
البداية .


و لعل أغلبكم يعي كم إنني حريصة و دقيقة في التحري عن كل ما يطرح في أي ركن
أكون مسؤولة عنه بل و إن إدارة جريح الليل تعتبر السرقة الأدبية جرم لا يغتفر وهو
من الخطوط الحمراء التي لا يجب على أحد رواد هذه المملكة القيام بإنتهاكها و التجرؤ
على تعديها ، فالعاقبة لهؤلاء وخيمة بنفيه خارج حدود مملكتنا الراقية جريح الليل .


إجلال عميق .

بقلم / سماء الآلام
كبرى عباس الأغتم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السبيل لإتقان الكتابة باللغة العربية الفصحى | حصري لـــ جريح الليل

مـــقـــآل : البطالة / بقلمي | جصري لجريح الليل

يكفيك صمت السنين